العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه.

العباس بن عبد المطلب



إ نه عم رسول الله (صلي الله عليه وسلم) كان (صلى الله عليه وسلم) يجله بقدر ما كان يحبه و كان يمتدحه قائلا: (هذا آبائي) كان أجود قريش كفا وأوصلها. كان يكبر الرسول (صلى الله عليه وسلم) بسنتين أو ثلاث. فلم تكن القرابة وحدها هي التي تربطه بعمه وإنما أيضا صداقة العمر. كان وصولا للرحم والأهل. وكان فطنا إلى حد الدهاء وبفطنته هذه استطاع أن يدرأ عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) حين جهر بدعوته الكثير من الأذى والسوء. وهاجر النبي (صلى الله عليه وسلم) وبقي (العباس) بمكة يتقوى به المستضعفون من المسلمين فقد كان (رضي الله عنه) رئيسا في قريش وكانت له عمارة المسجد الحرام والسقاية ذا رأي سديد

وكانت أمه أول عربية كست الكعبة بالحرير والديباج وفاء لنذر نذرته حين ضاع منها ابنها

(العباس) وهو صغير فوجدته ووفت بنذرها لذلك.

العباس بن عبد المطلب لم يعلن إسلامه إلا عام فتح مكة. بيد أن روايات أخرى من التاريخ تنبئ بأنه كان من المسلمين المبكرين غير أنه كان يكتم إسلامه. يقول (أبو رافع) خادم الرسول (صلى الله عليه وسلم):كنت غلاما للعباس وكان الإسلام قد دخلنا أهل البيت فأسلم وأسلمت
(أم الفضل) وكان هو يكتم إسلامه.


وجاءت غزوة (بدر) رأتها قريش فرصة تبلو بها سريرته وحقيقته. ولئن كان قد نجح في إبلاغ النبي (صلى الله عليه وسلم) بالمدينة أنباء قريش وتحركاتها فإن قريشا ستنجح في دفعه إلى معركة لا يؤمن بها ولا يريدها ويلتقي الجمعان يوم (بدر) وينادي الرسول(صلى الله عليه وسلم) في أصحابه: (من لقي (العباس) فلا يقتله فإنه أخرج كرها) . ودارت الدائرة على المشركين ونصر الله رسوله(صلى الله عليه وسلم) والمؤمنين وأسر عم النبي (صلى الله عليه وسلم) فيمن أسر وشد وثاقه. فسهر النبي (صلى الله عليه وسلم) تلك الليلة ولم ينم فقال له بعض أصحابه: (ما يسهرك يا نبي الله؟) فقال: (أسهر لأنين العباس) فقام رجل من القوم فأرخى وثاقه.

ورجع إلى الرسول (صلى الله عليه وسلم) وقال: أنا أرخيت وثاقه فقال الرسول (صلى الله عليه وسلم): فافعل ذلك بالأسرى كلهم.

ويعود إلى مكة مع أسارى بدر و يفكر جديا في الهجرة ويستأذن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في ذلك فيقول النبي (ص): (يا عم أقم مكانك الذي أنت به فإن الله تعالى يختم بك الهجرة كما ختم بى النبوة)

وتتحقق نبوءة النبي (صلى الله عليه وسلم) ويهاجر(الصحابي الجليل) قبل فتح مكة مباشرة وتختتم بهجرته الهجرة.

ويشهد فتح مكة مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ويدخل النبي(صلى الله عليه وسلم) الكعبة ويصلي بداخلها
وينتظره على الباب مؤملا في الحصول على مفتاح الكعبة ليحوز شرف السدانة



ويخرج النبي (صلى الله عليه وسلم) من الكعبة فيبادره (العباس) قائلا: (يا رسول الله أعطني المفتاح واجمع لي السدانة مع السقاية وينزل جبريل على النبي(صلى الله عليه وسلم) بقول الله عز وجل:

(إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) فنادى الرسول (صلى الله عليه وسلم) على (عثمان بن طلحة) سادن الكعبة فيعطيه المفتاح قائلا لهخذوها خالدة تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم)








وتأتي غزوة (حنين) وتدور الدائرة على المسلمين ليعلموا أن النصر من عند الله وليس بكثرة العدد وينفر الناس من حول الرسول (صلى الله عليه وسلم) ولا يثبت معه إلا قلة منهم (العباس) وكان جهوري الصوت وينادى (يا معشر الأنصار يا أصحاب البيعة) ويعود المسلمون إلى رسول الله ويتحقق النصر بفضل الله.



ويعود النبي (صلى الله عليه وسلم) إلى المدينة المنورة ولا يفارقه (العباس) ويقول عنه النبي (صلى الله عليه وسلم):

(أيها الناس من آذى عمي فقد آذاني فإنما عم الرجل صنو أبيه) (صنو أي مثيل أو نظير)

ويقول النبي مرة أخرى مبينا فضل عمه:

(إن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا ومنزلي ومنزل إبراهيم تجاهين في الجنة ومنزل (العباس) بيننا مؤمن بين خليلين). ويأتي عام الرمادة في خلافة (عمر بن الخطاب)

ويشتد القحط بالناس ويمتنع المطر. ويخرج عمر بالناس لصلاة الاستسقاء.

ثم يتوجه إلى الله قائلا: (اللهم إنا كنا نستسقى بنبيك فتسقينا اللهم إنا نستسقى بعم نبيك فاسقنا) فلم يلبث إلا قليلا حتى أمطرت السماء مطرا شديدا. فقال (عمر بن الخطاب):

(هذا والله الوسيلة إلى الله والمكان منه) ويلتف المسلمون حول (العباس) يقبلونه

ويتسمون له متبركين ويقولون له: (هنيئا لك ساقي الحرمين هنيئا لك ساقي الحرمين)

وتدور الأيام وتأتي خلافة (عثمان بن عفان) وكبر العباس وضعف بصره ضعفا شديدا حتى آخره وبلغ من العمر ثمان وثمانين سنة وإذا بصارخ في صبيحة يوم الجمعة: (رحم الله من شهد بن عبد المطلب) فعلم الناس أنه مات فخرجت المدينة عن بكرة أبيها للصلاة عليه وعلى رأسهم (عثمان بن عفان) ودفن بالبقيع إلى جوار آل البيت الكرام وصعدت روح عم النبي (صلى الله عليه وسلم) إلى بارئها

إلى مقام لا يدانيه مقام وترك خلفه عشرة من الأبناء سوى الإناث منهم: عبد الله (حبر الأمة)

و الفضل، وقثم، وعبيد الله.
كان رضي الله عنه طويلا جميلا أبيضا بضا ذا ضفيرتين.


سلاما عليك يا عم النبي صلى الله عليه وسلم

جازاك الله خير الجزاء